حياة هاكر لم يعرف التاريخ مثله
كيفين ديفيد ميتنيكبالإنجليزية: Kevin Mitnick ولد في اوت 1963 وهو أحد أشهر مخترقي الأنظمة الذين تم سجنهم. تم اعتقاله من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي FBI في 15 فبراير 1995. تم تجريمه بالتلاعب الإلكتروني وإختراق أنظمة الحاسوب لدى كل من فوجيتسو وموتورولا ونوكيا وصن مايكروسيستمز. قضى ميتنيك خمسة سنوات في السجن (اربعة منها قبل المحاكمة)، 8 أشهر منها في الحبس الإنفرادي، وتم إطلاق سراحه في 21 يناير 2000. وخلال فترة مراقبته بعد إطلاق سراحه، والتي إنتهت في 21 يناير 2003، منع من استخدام أي شكل من تكنولوجيا الاتصالات، باستثناء الهاتف الأرضي، مع بعض الاستثنائات.
بلغ كيفين سن المراهقة في نهاية سبعينيات القرن العشرين ووالداه مطلقان.. بدأ في ذلك الوقت -شأنه شأن كل النوابغ- متوحدا، غير محب للمغامرة، ولا ينبئ مستواه الدراسي دون المتوسط عن نابغة في دنيا اختراق شبكات الكمبيوتر والاتصالات.
وفي أوائل الثمانينيات من نفس القرن، تخطت صناعة الكمبيوتر حدود الآمال، وهي نفس الفترة التي ازدهرت فيها ثقافة التنصت على المكالمات التليفونية، والحصول عليها مجانا عن طريق الكمبيوتر ومودم وامتدت لأكثر من عقد من الزمان وعرفت باسم
“Phreaking”.
لاح إغراء التنصت لكيفين فاستجاب له، وسرعان ما وجد نفسه في هذا المناخ، ومكنه من اقتحام عوالم الآخرين، وفتح له نافذة للاطلاع على أسرار ذوي الغنى والنفوذ؛ ما عوض لديه الكثير من مركب الإحساس بالضعف وهوان الشأن، إضافة إلى كشف عورات كل من يعتبره عدوا له.
ولما كانت الطيور على أشكالها تقع، تعرف كيفين على مجموعة من الشباب لهم نفس الاهتمام، وكونوا عصبة عابثة من الشباب لا هم لهم إلا الاستزادة من متعة اختراق شبكات الهاتف.
بدأ الأمر مع تلك “الشلة” بمزاح ثقيل من قبيل السيطرة على خدمة دليل التليفون، فإذا حاول البعض الاستفسار عن رقم هاتف ما ردوا عليه بإجابات غريبة؛ مثل: الرقم المطلوب هو “ثمانية، ستة، ثلاثة، تسعة،… ونصف! هل تعلم كيف تطلب الرقم نصف؟!”، أو العبث بخدمة الاستعلام عن فاتورة مكالمات الهاتف بالرد على كل مستعلم عنها برسالة صوتية تطلب منه سداد عشرين سنتا، وإلا قُطع عنه الخط. حتى ذلك الوقت، كان كل ما قامت به الشلة لا يتعدى المزاح، وإن كان بإزعاج الآخرين قليلا، لكن الإزعاج ما لبث أن انقلب إلى أذى، حيث قام أحد أفراد الشلة بتدمير ملفات إحدى شركات الكمبيوتر في سان فرانسيسكو، ولم تتمكن الشرطة من معرفة الفاعل، لأكثر من عام.
اختراق.. مطاردة ثم سجن
لكن دوام الحال من المحال، ففي يوم عطلة من عام 1981 تسلل كيفين واثنان من أصدقائه، إلى المركز الرئيسي لشركة الهاتف في مدينة لوس أنجلوس، ووصلوا إلى الغرفة التي تحتوي على الكمبيوتر الذي يدير عمليات الاتصال، وأخذوا كتب التشغيل الخاصة به، وقوائم وسجلات تتضمن مفاتيح السر لإقفال الأبواب في تسعة مراكز أساسية تابعة لشركة الهاتف في المدينة.
وعندما حققت الشرطة المحلية في الأمر لم تتمكن من كشف الفاعل.. لكن بعد سنة نهشت الغيرة قلب خليلة لأحد أعضاء الشلة, حيث كانت فتاة ؛ فوشت بهم للشرطة التي سارعت لاعتقال الفتيان الثلاثة، ومن حسن حظ كيفين الذي كان يبلغ عمره آنذاك 17 ونصف العام أن حُكم عليه بقضاء 3 أشهر في سجن الأحداث بتهمة العبث بالممتلكات الحكومية، وتدمير بيانات عبر شبكة كمبيوتر، كما قضت المحكمة بوضعه بعد ذلك سنة تحت المراقبة في لوس أنجلوس.
هذب السجن الفتيان الآخرين، لكنه ما أصلح ميتنيك الذي لم يرتدع بالرغم من تجريسه بكتابة عبارة “X HACKER” على لوحة سيارته، وزاد إصراره على نفس السلوك، وراح ينمي مهاراته، ويتعلم الحيل التي تساعده على ممارسة هوايته باختراق شبكات الكمبيوتر، وراح يخرق القانون ويصطدم بالشرطة مرة بعد أخرى. فاعتقل ثانية عام 1983 من قبل شرطة جامعة شمال كاليفورنيا، بعد ضبطه يحاول استخدام كمبيوتر بالجامعة لاختراق شبكة ARPA net للوصول من خلالها إلى البنتاجون، وحكمت المحكمة عليه بستة شهور تدريب في إصلاحية للأحداث في كاليفورنيا.. ولم تفلح الشهور الست في إصلاحه، فلم تمر سنوات قليلة – نزل خلالها تحت الأرض – حتى اعتقل مرة أخرى، بتهمة العبث بكمبيوتر حسابات مؤسسة TWR المتخصصة في الصناعات الحربية، والمثير أنه بقي رهن الاعتقال لمدة سنة كاملة بدون محاكمة، والأكثر إثارة مسألة اختفاء ملفه من مركز الشرطة، بدون أي تفسير! زادت تلك الأحداث من شعور كيفين بقدرته الفائقة، فلم يعد يستطيع الخلاص من هذا الشعور الذي يملأ نفسه بالقوة والعظمة، وحل عام 1988 وقد استحوذت عليه فكرة الحصول على نسخة من نظام تشغيل “VMS” لجهاز الميني كمبيوتر الذي تنتجه شركة Digital، وذلك من خلال اختراق شبكة ” Easy Net” الخاصة بها.
ظل كيفين يذهب مساء كل يوم إلى مقر عمل صديقه “دي سيكو” الذي يعمل في قسم الدعم الفني في شركة Calabase للكمبيوتر. وكانا يحاولان لساعات طويلة اختراق نظم شركة Digital، حتى إن الشركة لجأت لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI الذي تعاون متخصصوه مع خبراء Digital لأيام عديدة في تتبع مصدر محاولات الاختراق دون جدوى؛ لأن كيفين احتاط لتضليلهم، واستخدم جهازي كمبيوتر: الأول يحاول عن طريقه اختراق شبكة Digital والاستيلاء على نظام التشغيل، والثاني يراقب مركز مؤسسة الهاتف، ويتتبع المحاولات الرامية لاكتشافه، ويقوم بصرفها إلى شقة بعيدة عن مقر عمل صديقه.
أمضى المسئولون في Digital الكثير من الوقت في مراقبة أجهزة الشركة وتطبيق إجراءات جديدة للحماية، وكلفهم ذلك مئات آلاف الدولارات دون جدوى.
لكن كما جنت على نفسها براقش أودى مزاح كيفين السمج به، عندما اتصل بمدير صديقه وشريكه “دي سيكو” وأخبره أنه يعاني مشاكل جمة مع مصلحة الضرائب، انهار الأخير واعترف لمديره بكل ما كان، وبالطبع سارع للاتصال بـ
FBI ،
واعتقل كيفين.
أحيل كيفين إلى محكمة لوس أنجلوس، بتهمة سرقة برامج تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، وتسببه في خسارة شركة
Digital
أكثر من 200 ألف دولار، أنفقتها لإبعاده عن أجهزتها، وأعلنت إدانته لتكون تلك هي المرة الخامسة التي يدان فيها كيفين بجرائم تتعلق بالكمبيوتر، لكن قضيته هذه المرة أثارت اهتمام الرأي العام في أمريكا، بسبب غرابة الحكم الذي صدر بحقه؛ إذ حكم عليه بالسجن سنة واحدة، وستة شهور معالجة من “إدمان اختراق نظم الكمبيوتر عبر الشبكات”! مع عدم مغادرة المدينة.
لا أدب يفيد ولا أديب
لكن لم يتقيد ميتنيك غير بسنة السجن؛ حيث انتقل بعدها بمدة قصيرة إلى لاس فيجاس، وعمل مبرمجاً بسيطاً، لكنه لم يلبث أن عاد أوائل عام 1992 إلى سان فرانسيسكو بعد وفاة شقيقه إثر تناوله جرعة زائدة من الهيروين.
“إذا كان الطباع طباع سوء فلا أدب يفيد ولا أديب”.. هكذا يقول الشاعر، ففي ديسمبر من العام 1992 تلقى قسم شرطة بكاليفورنيا اتصالاً عبر الكمبيوتر، يطلب فيه صاحبه الحصول على نسخ من شهادات رخص القيادة للمتعاونين مع الشرطة. واستخدم المتصل شفرة تظهر أنه مخول قانونياً بالاطلاع على تلك الوثائق، وطلب إرسالها بالفاكس إلى عنوان في إحدى ضواحي لوس أنجلوس.
وبفحص رقم الطالب تبين أنه لمحل يقدم خدمة الفاكس والتصوير، وتقرر إرسال المطلوب, لكنهم أرسلوا بعض رجال الأمن لتقصي الأمر، وهناك وجدوه يخرج من المحل حاملاً الأوراق، وعندما شعر بهم، ركض هارباً عبر إحدى الحدائق القريبة مخلفاً وراءه الأوراق. وبفحص الأوراق وجد أنها تحمل بصمات كيفين.
جعلت هذه الحادثة وما كتبته الصحف من كيفين لصاً ذكياً، ومثيراً للإعجاب، بل إن أحد الصحفيين -ويدعى ماركوف- جعل أخبار كيفين شغله الشاغل، وأخذ يتلقط كل كبيرة وصغيرة عنه؛ ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى تعيينه مستشارها في عمليات مطاردة كيفين.
مشهد بداية “آخر نهاية”
في عطلة عيد الميلاد عام 1994 اكتشف “شيمومورا” أحد أشهر خبراء أمن الشبكات والذي يعمل مستشاراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي، والقوات الجوية، ووكالة الأمن القومي الأمريكية -أن حاسبه المنزلي المتصل بشبكة العمل الواسعة تعرض للاختراق.. وسُرقت منه مئات الملفات والبرامج المفيدة جداً لكل من يرغب في تعلم أساليب اختراق شبكات الكمبيوتر والهاتف المتحرك. أثارت تلك الحادثة حفيظة شيمومورا فوجه كل طاقته وخبرته -بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي- لاعتقال الشخص الذي تجرأ على اقتحام عقر داره، وتمكن شيمومورا بمساعدة المحققين، وبفضل نظام المراقبة الذي دأب على تحسينه يوماً بعد آخر – والذي رصد الجاني في بداية عملية الاختراق، إلا أنه تم تضليله- من تتبع أثر المخترق.
وتم رصده وهو يجوب فضاء الإنترنت يتلاعب بشركات الهاتف، ويسرق ملفات من موتورولا وأبل، وشركات أخرى، وينسخ عشرين ألف رقم بطاقة ائتمان من إحدى شبكات الكمبيوتر التجارية. ودارت الشبهة في كل هذه الحالات حول كيفين ميتنيك، المختفي عن الأنظار منذ عام 1992 وكشفت أنه يقوم بعملياته عبر شبكة هواتف متحركة من مدينه رالي شمال كاليفورنيا.
وفي مساء 15 فبراير قرع المحققون باب الشقة 202 في إحدى ضواحي مدينة رالي، واعتقلوا كيفين، ووضع في السجن بدون محاكمة، إلى أن صدر عليه حكم في 27 يونيو عام 1997 بالسجن لمدة اثنين وعشرين شهراً، ورغم أنه كان حينها قد أمضى مدة الحكم وزاد عليها أربعة شهور، لم يطلق سراحه، وتعلل المحققون بخطورة كيفين، ولاقى معاملة قاسية، إضافة إلى حرمانه من حقوق لا يُحرم منها عادة أخطر المجرمين، إلى أن أفرج عنه سنة 2000، وهي الفترة التي أخرج فيها للنور الصحفي “ماركوف” والخبير “شيمومورا” كتابا عن كيفين “كوندور الإنترنت”. هو أشهر مخترق
عن ويكيبيديا